شدّد مشايخ ودعاة جزائريون على همجية تنظيم "داعش"، الذي أحرق بدم بارد الأسير الأردني معاذ الكساسبة، حرقا بالنار في أسلوب بربري غير مسبوق، لتتجاوز بذلك حدود الله، وأكدوا أن عناصر التنظيم متطرفون لا علاقة لهم بتعاليم الإسلام السمحاء التي نصت صراحة على المعاملة الحسنة مع الأسرى، مثلما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام.
برضوان: التعذيب بالنار لرب العالمين فقط
شجب وزير الشؤون الدينية الأسبق، محمد برضوان، فعلة تنظيم داعش، وقال للشروق "التعذيب بالنار لا يكون إلا من رب العباد، فكيف هان دم الرجل لهم حتى قاموا بتلك الفعلة؟ حتى الحيوانات أمر الله بالرأفة بها عند ذبحها".
وقال المتحدث، انه لا يوجد حد الحرق في الشريعة الإسلامية، وسجل "هنالك حرق للشاذ لكن الأمر لا يتم في حياته، بل بعد قتله، أما أن يتم حرق شخص بتلك الكيفية، فهذا الأمر لم تأت به الشريعة الإسلامية"، وأشار برضوان إلى المعاملة الطيبة التي كانا يلقاها الأسرى من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام، والمتمثلة في دفع فدية نظير إطلاق سراحهم، أو إلزامهم بأعمال ذات صبغة اجتماعية لم يخش منه، لكن لم يقم أبدا بالاعتداء أو التجريح أو حتى الاستهزاء بالأسير.
مشرية: الله عاتب أحد أنبيائه لما همّ بحرق بيت النمل
الأمين العام لرابطة علماء الساحل، يوسف مشرية، استشهد بما جاء في السير، أن أحد الأنبياء لدغته نملة وهو نائم، فأمر بحرق بيت النمل كله، لكن الله عاتبه من فوق سبع سماوات، للدلالة على رحمته بالعباد.
وعن إقامة حدود الله، قال الشيخ مشرية للشروق "الحدود لا يقيمها بين الناس إلا سلطانٌ شرعي، أما داعش والقاعدة فلم يَنزل بهما من سلطان، وما تقوم به ما هو سوى أفعال شنيعة لتشويه لصورة الإسلام السمحاء.
وعرّج المتحدث على طريقة تعامل الرسول عليه الصلاة والسلم مع الأسرى في الحرب الشرعية لا حروب البغي والاضطهاد التي تقوم بها داعش، وقال "لسنا في حرب شرعية.. والرسول عليه الصلاة والسلام لم يُجهز على أسير".
الدكتور محمد همال: متشددون وأفعالهم لا علاقة لها بالإسلام
وصف أستاذ أصول الفقه في جامعة وهران الدكتور محمد همال، أعمال داعش بأنها "متشددة ولا علاقة لها بالإسلام"، وقال للشروق "الأسير في الإسلام يكون تحت الحماية والحفظ لا ينبغي أن يساوَم ويُبتز لصالح مجموعة أخرى".
وبعدما طعن المختص في أصول الفقه، في أهلية إقامة الحد من قبل "داعش"، أشار إلى عملية الحرق التي طالت الكساسبة وقال "لو نبحث في الأساس التاريخي لوجدنا أن سيدنا علي رضي الله عنه أمر بحرق من ادعوا فيه الإلوهية، لكن سيدنا ابن عباس قال لو كنت أنا لأمرت بقتلهم لا الحرق، لأن الله من يعذب بالنار".
علماء يستنكرون حرق الطيار الأردني:
استناد داعش إلى فتاوى ابن تيمية تطاولٌ وبهتان
أدت عملية إحراق تنظيم "داعش" للطيار الأردني معاذ الكساسبة، إلى ردود فعل واسعة بين رجال الدين المسلمين والمحللين السياسيين، حيث ندّد عددٌ كبير منهم بالواقعة، مؤكدين أنها تستند إلى "فتاوى مجتزأة" وهي بذلك "اعتداء على الذين نُسبت الفتوى إليهم".
انتقد الداعية السعودي المعروف، سلمان العودة، قتل الطيار الأردني بهذه الطريقة قائلا "التحريق جريمة نكراء يرفضها الشرع أيا تكن أسبابُها، وهو مرفوض سواء وقع على فرد أو جماعة أو شعب. ولا يعذب بالنار إلا الله".
أما علي القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يقوده المرجع الروحي لجماعة الإخوان المسلمين الداعية يوسف القرضاوي، فعلق بالقول "داعش قتلت الرهينة الياباني البوذي ذبحا وقتلت الأسير الأردني المسلم حرقا.. هم أقسى وأشد على المسلمين من قسوتهم على غير المسلمين!".
سلمان العودة: التحريق جريمة يرفضها الشرع ولا يعذب بالنار إلا الله
وتابع القره داغي متسائلا "داعش تعدم الطيار الأردني حرقا وكأنهم يصوّرون فيلم أكشن.. عقلية سادية تستلذ بالدماء.. أين الإسلام وأخلاق الإسلام منهم"؟
من جانبه، استنكر شيخ الأزهر أحمد الطيب الجريمة حسب بيان للأزهر. وقال البيان إن شيخ الأزهر يستنكر "العمل الإرهابي الخسيس الذي أقدم عليه تنظيم داعش الإرهابي الشيطاني من حرق وإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة.. هذا العمل الإرهابي الخسيس الذي يستوجب العقوبة التي أوردها القرآن الكريم … أن يُقتّلوا أو يُصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف".
وأهاب الأزهر بالمجتمع الدولي "التصدي لهذا التنظيم الإرهابي الذي يرتكب هذه الأعمال الوحشية البربرية التي لا ترضي الله ولا رسوله"، وأوضح الأزهر أن الإسلام حرّم "التمثيل بالنفس البشرية بالحرق أو بأي شكل من أشكال التعدي عليها حتى في الحرب مع العدو المعتدي".
أما إمام الحرم المكي الشريف الدكتور عبد الرحمن السديس، فأكد أن "الإسلام بريء من كل هذه الأفعال الوحشية، فالإسلام دين الرحمة والتسامح". وأضاف قائلا: إن هذه الأفعال التي تحصل باسم الإسلام هي التي ربطت الإسلام بالإرهاب في ذهن من لا يعرف الإسلام .
ونقل السديس قول للعلامة أحمد ديدات إن "أشرس أعداء الإسلام هو مسلمٌ جاهل يتعصّب لجهله ويشوّه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي ويجعل العالم يظن أن هذا هو الإسلام".
شيخ الأزهر: عقوبة إرهابيي "داعش" أن يُقتّلوا أو يُصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
من جانبه، هاجم الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، مدير قناة "العرب" الإخبارية، عملية إحراق الكساسبة وزعم منفذيها استنادها إلى أدلة دينية قائلا إن "فتوى مجتزأة لابن تيمية لا تبرر جرأة بعض الصبية على شيخ الإسلام، اجتزاء غرائب الفتوى من كتب التراث تشويه للدين وجهل". وتابع خاشقجي، وفقاً لوكالة "سما": "الأكثر إيلامًا فيما فعلت داعش أنها فعلته باسم الإسلام.. أعوذ بالله منهم ومن فعلهم وفكرهم ومن كل يتعاطف معهم أو يبرر لهم".
في حين قال حسام محمد إن الفتوى المشار إليها "محددة بإطارها الزماني والمكاني فاستدلال داعش مكذوب والتطاول على شيخ الإسلام ادّعاء وبهتان".
وزير الأوقاف الفلسطيني يوسف دعيس لـ"الشروق":
حرق الطيار الأردني جريمة تخالف تعاليم الإسلام السمحاء
وصف وزير الأوقاف الفلسطيني الدكتور يوسف دعيس، إحراق الطيار الأردني من قبل تنظيم "داعش" بـ"الجريمة البشعة والنكراء"، وأكد أن "كل من قام بها مجرمٌ ولا يمتّ للإسلام والمسلمين بأيّ صلة".
واعتبر دعيس في تصريح لـ"الشروق اليومي" أن الطريقة التي قاموا بها لقتل الطيار طريقة بشعة وتخالف كل الأعراف والعادات والمواثيق والمعاهدات الدولية وخاصة تعاليم الإسلام التي دعت إلى الحفاظ على حياة الأسير ومراعاة شئونه.
وأضاف أن التعامل مع قضايا المسلمين بهذه الطريقة مرفوض، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ورسولنا أحسن معاملة الأسير، وفي غزوة بدر، حيث أطلق سراح الأسرى شريطة تعليم عشرة من المسلمين.
وشدّد على أن الفقهاء والعلماء قديما وحديثا بيّنوا كيفية التعامل مع الأسير بالإحسان له وإطعامه وكسائه ودوائه، وهذا ثابت في كل كتب الفقه، والإسلام رائد في معاملة الأسير كإنسان.
وحول إساءة هذه الظواهر إلى الإسلام، أوضح أن الدين واضح ومن أراد أن يتعرف على الإسلام فهو واضح بصوره المشرقة الكثيرة، والرسول قدوة وكذلك الصحابة والتابعين من خلال العودة للمصادر الموثوقة المعروفة.
وأكد أن الإسلام دينٌ سمح وانتشر اعتمادا على تحلي أصحابه بالأخلاق والدين السمح، وفي كتب التاريخ الكثير من مواقف الصحابة والتابعين والسلف في هذا الموضوع، مشددا على أن تصرف أي إنسان يدعي الإسلام بما يخالف الإسلام لا يمثل الصورة الحقيقية للإسلام.
العميد السابق في الجيش اللبناني أمين حطيط لـ"الشروق":
نهاية داعش حتمية وأمريكا تستخدمها مطيّة للعودة إلى العراق
اعتبر العميد السابق في الجيش اللبناني أمين حطيط، أن منطقة الشرق الأوسط حاليا تفكر في مرحلة ما بعد داعش التي أصبحت نهايتها في حكم المؤكد ومسألة وقت فقط، في حين تتخذها أمريكا مبررا تعود به للعراق وتبرر به فشلها المتتالي بالمنطقة وبمجلس الأمن خلال السنوات الأخيرة.
وقال حطيط في تصريح خاص للشروق، إن داعش منتج في المخابرات الأمريكية، لتكون أداة للعدوان على المنطقة وفق الصيغة الثالثة من الخطة الأمريكية، بعد فشل الصيغتين الأولى والثانية، حيث اعتمدت واشنطن في خطة أولى ـ على حد تعبيره ـ عمودها الفقري الإخوان المسلمين ففشلت، ثم خطة ثانية تعتمد على السلفية ففشلت أيضا، والخطة الثالثة يقودها متطرفون وهّابيون تمخض عنها إنشاء تنظيم "داعش"، الذي يمارس سلوكيات تبرّر ما تقوم به إسرائيل في فلسطين.
ويقول المسؤول العسكري السابق، إن "داعش" هي العمود الفقري للخطة الثالثة الأمريكية للهيمنة على المنطقة، ومهما فعلت "داعش" لن تخرج عن الإرادة الأمريكية والتحالف الدولي، الذي تقوده أمريكا حاليا جاء ليسحب البساط من تحت تحالف إيراني عراقي سوري، إلا أن الخديعة الأمريكية لم تمر عن الدول المذكورة، حيث رفضت إيران المشاركة في التحالف، وبالعراق تكونت قوات "الحشد الشعبي" التي استعادت 65 بالمئة من الأراضي التي تسيطر عليها "داعش"، والجيش السوري يواصل التصدي، وحاولت "داعش" التمدّد في لبنان فتصدى لها الجيش اللبناني وحزب الله.
وأردف العميد حطيط، في معرض حديثه، أن الولايات المتحدة كانت تتحكم في قرارات مجلس الأمن، وتغير الوضع الآن بعد الفيتو الروسي والصيني ووضعا حدا للتفرد الأمريكي، جاءت بأكذوبة "داعش" والحرب عن الإرهاب لخلق تحالفات خارج مجلس الأمن، إضافة إلى أن أمريكا ندمت كثيرا على خروجها من العراق، وهي تراه حاليا ينزلق للحضن الإيراني، بعدما سعت سابقا لمنع إيران من التمدد غربا، لكن "داعش" برر لها العودة إلى عاصمة الرشيد.
وعن قدرات "داعش"، فقال العميد حطيط، إنه لا يملك قدرات كبيرة كما تصوّره أمريكا، ففي بدايته كان له 35 ألف مقاتل، كما أنه يجزم بعدم قدرة التنظيم على مواجهة الجيش العربي السوري الذي يملك 250 ألف عسكري.
بررت الجريمة بفتوى شاذة لـ"مرجعيتها الشرعية"
"داعش" تجوّع الكساسبة 5 أيام وتحرقه حتى الموت
أعلن تنظيم "داعش" في شريط فيديو تناقلته مواقع مقربة منه على الانترنت مساء الثلاثاء انه أحرق حيا الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي يحتجزه منذ 24 ديسمبر.
وتضمن الشريط الذي نشر على ما يُسمى "منتديات الجهاديين" على شبكة الانترنت مشاهدَ مروّعة للرجل الذي ألبس لباسا برتقاليا وقُدِّم على أنه الطيار، وهو محتجزٌ في قفص كبير أسود، قبل أن يقوم رجل ملثم بلباس عسكري قدِّم على انه "أمير أحد القواطع التي قصفها التحالف الصليبي"، بغمس مشعل في مادة سائلة هي وقود على الأرجح، وأضرم النار فيها.
وتنقلت النار بسرعة نحو القفص، حيث يشتعل الرجل في ثوان، يتخبّط أولاً، ثم يسقط أرضا على ركبتيه، قبل أن يهوى متفحما وسط كتلة من اللهب.
وتحدّثت مصادر مقربة من التنظيم الدموي عن "حرمان الكساسبة من الطعام مدة خمسة أيام قبل إعدامه"، وردّت ذلك إلى "حكمٍ صدر عن أعلى المرجعيّات (الشرعيّة) في داعش يقضي بموته جائعاً، ومُحرّقاً".
المصادر بررت الجريمة الشنيعة بالقول "هذا الحكم جاء ثأراً لشهداء المسلمين الذين أحرقتهم غارات التحالف، جائعين، خائفين".
إلى ذلك، نشر ناشطٌ سوري عُرف باسم "أبو إبراهيم الرقاوي" تغريدة على حسابه على موقع تويتر، لفت فيها إلى أنه أُخبر بمقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، قبل شهر، وذلك بناء على معلومات وصلته من الرقة.
وبيّن الناشط الذي يكتب في موقع "الرقة تُذبح بصمت" وهو موقع سوري معارض يُعنى بأخبار محافظة الرقة، وبالأخص أخبار "داعش"، أنه "عندما عرف قبل شهر بمقتل الطيار الأردني حرقاً لم يستوعب الأمر".
وغرّد بأن الخبر "غير مؤكد"، إذ قال: "عندما جاءت إليّ أخبار حرق الطيار معاذ لم أستوعب الأمر، وكتبت "غير مؤكد" لعلمي أنه لا يوجد في الإسلام شيء اسمه حرق مسلم".
وفي أولى ردود الأفعال على الجريمة، توعّد الجيش الأردني بالانتقام من قتلة الطيار معاذ الكساسبة وأكد أن "دمه لن يذهب هدرا"، فيما أعلنت الحكومة الأردنية أن رد الأردنيين على تنظيم "داعش" سيكون "حازما ومزلزلا وقويا".
وقرّر عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني قطع زيارته للولايات المتحدة التي توجّه إليها الاثنين، مؤكداً أن الكساسبة "قضى دفاعا عن عقيدته ووطنه وأمته"، داعيا الأردنيين إلى "الوقوف صفا واحدا".
وأعلنت السلطات الأردنية أنها أعدمت شنقا فجر أمس الأربعاء كلا من الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي التي كان تنظيم ""داعش" طالب بإطلاق سراحها، والعراقي زياد الكربولي المنتمي لـ"القاعدة"، وذلك ردا على جريمة "داعش" بحق الكساسبة.
وسارع الرئيسان الأمريكي باراك اوباما والفرنسي فرنسوا هولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى إدانة جريمة حرق الكساسبة حتى الموت، معتبرين إياها "عملا همجيا وفعلة دنيئة ودليلا على وحشية هذا التنظيم".
0 التعليقات:
إرسال تعليق